Saturday, December 31, 2011

أنتم ظالمون


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، اللهم وفقنا لما تحب وترضى من قول أو عمل.


أتعبثون بحبة الخردل تلك؟ أتستسهلون خسارتها؟  ألا تفهمون؟ أم أنكم لا تريدون الفهم؟ أستمرءتم رغد العيش؟ أأقلقتكم مشاهد سفك الدماء على أبنائكم؟ على مصائركم الدنيوية؟  أم ماذا؟ كيف ترضونه لدينكم؟ كيف لا تغضبون لانتهاك حرمات الله؟ أتغضبون لمشايخكم وتعمون أعينكم عن ما كان وحده يغضب سيد العالمين، صلى الله عليه وسلم؟

إن كانت خشية على مصائر أبنائكم، فلا شيء أقوله لكم سوى كلام رب العالمين:
(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا) النساء، 9

أإياكم أذكر بأن الله هو الرزاق وهو خير الحافظين؟ وقد تعهد بحفظ الذرية الضعيفة وأمركم أن تقولوا قولا سديدا.

أتطعنون الأعراض وأنتم تبتسمون؟ أهكذا دينكم؟ أهكذا علمكم نبيكم؟ أإن كان معكم، صلوات ربي وسلامه عليه، كان سيجلس قائلا: ما الذي كانت تفعله هناك؟ حاشاه، فإنما أرسله ربي رحمة للعالمين. أتسيئون الظن وقد أمرتم باجتنابه؟ أتغتابون ضحية؟ أترمونها بالعهر لأنها كانت هناك فقد جلبت ما جلبت لنفسها؟ ذكروني بالله عليكم، أسحل نبيكم صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم نساء الكفار؟ مالكم لا تنصرون المستضعفين ولو بالدعاء؟ مالكم تنهشونهم؟ ما لكم لا تنكرون الظلم ولو بكلامكم مع بعضكم؟ بل ما لكم لا تستنكرونه ولو بقلوبكم؟ مالكم تتطوعون لكسب اللعنات؟ مالكم تسيئون للدين؟ ألم يأتي هذا الدين لنصرة المظلومين؟ مالكم تخشون الجهاد ولو بكلمة؟ مالكم تخشون من يجاهدون ولو بكلمة؟ مالكم لا تبصرون؟ نعم، كانت على علم بما قد يحدث، فلا سلطان جائر يترك قائل كلمة حق، ولهذا سماه نبيكم، صلى الله عليه وسلم، أفضل جهاد...هل يعني هذا أن تحكموا عليها بالاستحقاق، وأنتم فرحون، أو لا مبالون على أفضل تقدير، أيستحق أحد الظلم وقد حرمه رب الأرباب على نفسه؟ مالكم تحلون ما حرم الله؟

عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِه عز وجل أنه قال : (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا) إلى آخر الحديث

وحقيقة الظلم : وضع الشيء في غير موضعه.

ولئن كان الله تعالى قد حرّم الظلم على نفسه ، فقد حرّمه على عباده ، وحذّرهم أن يقعوا فيه ؛ وما ذلك إلا لعواقبه الوخيمة على الأمم ، وآثاره المدمرة على المجتمعات ، وما ظهر الظلم بين قوم إلا كان سببا في هلاكهم ، وتعجيل العقوبة  عليهم ، كما قال سبحانه في كتابه العزيز : { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } ( هود : 102 ) ، ومن ثمّ كانت دعوة المظلوم عظيمة الشأن عند الله ، فإن أبواب السماء تفتح لها ، ويرفعها الله فوق الغمام يوم القيامة ، بل إنه سبحانه وتعالى يقول لها ( وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين ) كما صح بذلك الحديث .

وقد قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)

أأنتم مصلحون؟ أم أنكم "عائشون"؟ أفلا تنتظرون الهلاك إذا؟ فلنهلك جميعا وليأتي الله بقوم مصلحين، فأهل الدين يمتنعون عن الغضبة لحرمات الله وقد استغضبوا، وكما قال الشافعي: من استغضب ولم يغضب فهو حمار. بل وليس ذلك فقط، فإنهم ينشغلون بالقيل والقال والبدي والكومبليزون والعباية اللي بكباسين على اللحم...يا حسرة على العباد...أهكذا هانت الحرمات؟ وان كانت متبرجة سافرة، أسحلها وتعريتها ليس من الحرمات؟ بل وإن كانت صهيونية؟ أهو نفس الدين؟ أهو إسلام أم استسلام؟

أهذا الدين هو نفسه من جعل الخليفة المعتصم يحشر جيوشا لبلاد الروم لنصرة امرأة انتهكت فصرخت "وامعتصماه"...

أحجتكم في الهجوم انها ارتكبت مخالفة شرعية بوجودها هناك؟ أتمزحون؟ أتصدقون أنفسكم؟ ألا تتقون الله؟ هل المخالفة الشرعية بالتواجد في ماخور حتى تبرر انتهاك الحرمة بتلك الطريقة؟ هل هي مخالفة شرعية وهو أمر محل خلاف؟ أتتخذون دينكم هزوا؟ أتتجرأون على حرمات الله بتلك البساطة؟

أتسألون حقا لماذا كانت هناك؟ دعوني أجيب هذا السؤال المستفز الواضح الاجابة المحير لكم باختياركم. كانت هناك لأنها حرة، كانت هناك لأن هناك من يسفك الدماء وهدفه واحد، ارعابكم على دنياكم الفانية، كانت هناك لمساعدة المصابين، كانت هناك لتسقي العطشى الماء، كانت هناك لنقل الاعانات، كانت هناك حتى يستحي من يقتل الرجال حين يرى النساء، كانت هناك حتي يستحي الرجال في البيوت ويقفون ضد الظلم، كانت هناك لأنها لم تتحمل أن تجلس خلف التلفاز لترى الدماء تسفك وهي لا تفعل شيء، كانت هناك لأنها تعي تماما أن العسكر جند صهيون، وتعي تماما أنهم لابد هالكون، كانت هناك لأنها تعي ان الاسلام ليس دين خنوع، كانت هناك لأن الله سائلها، كيف فعلت حين رأت الدماء تسفك، كانت هناك لأن العسكر لن يخلوا بيننا وبين الناس حتى تصل إليهم الدعوة السليمة الصحيحة، كانت هناك لأن الفرص لا تتكرر، وقد وهبنا الله فرصة، أسأل الله أن لا نضيعها، كانت هناك لأنها ليست كبهيمة الأنعام، كانت هناك لأنها ليست أمة سوى لمن خلقها، كانت هناك لنصرة المظلوم، كانت هناك لأنها أرادت أن تكون هناك. وما أدراني بكل ذلك؟ لأني ببساطة كنت هناك، وهاكون هناك، وأسأل الله السلوى لأهلي إن مت هناك.

أحبوا الثورة أو اكرهوها، لا يعنيني هذا في شيء، لكن فقط كونوا مصداقا لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى الا تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8]
لو أني لا أهتم بكم، لاكتفيت بلعن ضمائركم الميتة، والتمنيات الصادقة لكم بسحل سعيد، لعلكم تعقلون، أما وأني أحبكم في الله، وأن الله أوجب على نصرتكم مظلومين أو ظالمين، ونصرة الاخ الظالم برده عن ظلمه، أردت أن أحاول افاقتكم بدل اللعنات والتمنيات، وأن أذكركم برب لا يرضى بالظلم وينصر المظلوم ولا يرد دعوته وإن كان "كافرا".

وفي الوقت الذي أحاول فيه استفاقتكم من تلك الغيبوبة، لا ينام بعض من تظنونهم كفارا، من هول ما حدث..ففطرهم لم تمت..لا وأحب أبشركم كمان، ان كانوا كفرة، فأنتم مسئولون، فموقفكم يجعل من الايمان أضحوكة. وأحب أن أقول لمن يقرأ هذه التدوينة منهم، اكفروا بهم ولا تجعلوهم يفقدوكم ايمانكم بالله.
لم أكن في حاجة لأن أضع لكم صورة زينة البنات، وقد كشف الله لما كانت هناك. فقط وضعتها حتى أقول لكم بضمير مرتاح: ألا هل بلغت، اللهم فاشهد. ولتكن لعنة الله على من هم فتنة لقوم كافرين، فتنوهم باظهار الاسلام على أنه مفصول عن الضمير.

وأنقل لكم بعض المأثورات عن الامام الغزالي في هذا المعنى:

-الحق لا يخشى الحرية أبداً ..
إنما يخشاها العوج و الجهل...
و البغي في الأرض بغير حق.

-
أنا لا أخشي علي الإنسان الذى يفكّر وإن ضلّ، لأنه سيعود إلي الحق، ولكني أخشي علي الإنسان الذى لا يفكّر وإن اهتدى، لأنه سيكون كالقشة في مهب الريح.

-
إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم.

وأخيرا، ستسفك دماءنا وستسحل نساءنا وسيفقدونا أبصارنا وستنتهك أعراضنا وستنهشونا أنتم لأن كل تلك المشاهد تجعل حياتكم اليومية أكأب. ولكننا سننتصر وأنتم ستحتفلون بالانتصار معنا وحسبنا الله ونعم الوكيل.

أنتم مثلهم ظالمون.